responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي نویسنده : الزيلعي ، فخر الدين    جلد : 1  صفحه : 312
يُسْتَغْنَى بِمَا دُونَ ذَلِكَ وَجَوَّزَ الْكَرْخِيُّ تَفْرِيقَ صَدَقَةِ شَخْصٍ وَاحِدٍ عَلَى مَسَاكِينَ لِأَنَّ الْإِغْنَاءَ يَحْصُلُ بِالْمَجْمُوعِ وَيَجُوزُ دَفْعُ مَا يَجِبُ عَلَى جَمَاعَةٍ إلَى مِسْكِينٍ وَاحِدٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(كِتَابُ الصَّوْمِ) الصَّوْمُ فِي اللُّغَةِ هُوَ الْإِمْسَاكُ قَالَ تَعَالَى حِكَايَةً عَنْ مَرْيَمَ - عَلَيْهَا السَّلَامُ - {إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا} [مريم: 26] أَيْ صَمْتًا وَسُكُوتًا وَكَانَ ذَلِكَ مَشْرُوعًا فِي دِينِهِمْ وَقَالَ النَّابِغَةُ
خَيْلٌ صِيَامٌ وَخَيْلٌ غَيْرُ صَائِمَةٍ ... تَحْتَ الْعَجَاجِ وَأُخْرَى تَعْلُكُ اللُّجُمَا
أَيْ مُمْسِكَةٌ عَنْ السَّيْرِ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (هُوَ تَرْكُ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَالْجِمَاعِ مِنْ الصُّبْحِ إلَى الْغُرُوبِ بِنِيَّةٍ مِنْ أَهْلِهِ) وَهَذَا فِي الشَّرْعِ وَهُوَ أَحْسَنُ مِنْ قَوْلِ الْقُدُورِيِّ الصَّوْمُ هُوَ الْإِمْسَاكُ عَنْ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَالْجِمَاعِ نَهَارًا مَعَ النِّيَّةِ لِأَنَّهُ أَشْمَلُ فَإِنَّهُ بِقَوْلِهِ مِنْ أَهْلِهِ احْتَرَزَ عَنْ الْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ وَالْكَافِرِ فَخَرَجُوا مِنْهُ وَلَمْ يَخْرُجُوا عَلَى مَا قَالَ الْقُدُورِيُّ وَقَالَ مِنْ الصُّبْحِ إلَى الْغُرُوبِ وَلَمْ يَقُلْ نَهَارًا كَمَا قَالَ الْقُدُورِيُّ لِأَنَّ النَّهَارَ اسْمٌ لِمَا بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ إلَى غُرُوبِهَا أَلَا تَرَى إلَى قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «صَلَاةُ النَّهَارِ عَجْمَاءُ» فَلَمْ يَكُنْ صَحِيحًا مُخْلِصًا وَإِنَّمَا اخْتَصَّ بِالْيَوْمِ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْوِصَالُ مُتَعَذِّرًا وَمَنْهِيًّا عَنْهُ تَعَيَّنَ الْيَوْمُ لِكَوْنِهِ عَلَى خِلَافِ الْعَادَةِ وَعَلَيْهِ مَبْنَى الْعِبَادَةِ إذْ تَرْكُ الْأَكْلِ بِاللَّيْلِ مُعْتَادٌ وَاشْتِرَاطُ النِّيَّةِ لِتَمْيِيزِ الْعِبَادَةِ مِنْ الْعَادَةِ وَاعْلَمْ أَنَّ الصَّوْمَ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَغَيْرِهَا أَيْضًا وَيَجُوزُ التَّلْفِيقُ مِنْ جِنْسَيْنِ بِأَنْ يُؤَدِّيَ نِصْفَ صَاعٍ مِنْ تَمْرٍ وَنِصْفَ صَاعٍ مِنْ شَعِيرٍ وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يَجُوزُ ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ لِأَنَّهُ لَمْ يَرِدْ بِهِ نَصٌّ وَلَنَا أَنَّ الْمُخَيَّرَ إذَا أَخْرَجَ نِصْفَ صَاعِ تَمْرٍ مَثَلًا فَقَدْ سَقَطَ عَنْهُ الْفَرْضُ فِي قَدْرِهِ وَبَقِيَ عَلَيْهِ نِصْفٌ فَوَجَبَ أَنْ يُخَيَّرَ فِي أَدَائِهِ مِنْ أَيِّ صِنْفٍ شَاءَ كَالْأَوَّلِ سُرُوجِي.

[كِتَابُ الصَّوْمِ]
الْحِكْمَةُ فِي الصَّوْمِ حُصُولُ التَّقْوَى لِمُبَاشِرِهِ إذْ لَا مَشْرُوعَ أَدَلُّ عَلَى التَّقْوَى مِنْهُ فَإِنَّ مَنْ أَدَّى هَذِهِ الْأَمَانَةَ كَانَ أَشَدَّ أَدَاءً لِغَيْرِهَا مِنْ الْأَمَانَاتِ وَأَكْثَرَ اتِّقَاءً لِمَا يُخَافُ حُلُولُهُ مِنْ النِّقْمَةِ بِمُبَاشَرَةِ شَيْءٍ مِنْ الْقَاذُورَاتِ وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة: 183] {أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ} [البقرة: 184] وَفِيهِ مَعْرِفَةُ قَدْرِ النِّعَمِ وَمَعْرِفَةُ مَا عَلَيْهِ الْفُقَرَاءُ مِنْ تَحَمُّلِ مَرَارَةِ الْجُوعِ فَيَكُونُ حَامِلًا عَلَى مُوَاسَاتِهِمْ وَفِيهِ إطْفَاءُ حَرَارَةِ الشَّهْوَةِ الْخَدَّاعَةِ الْمُنْسِيَةِ لِلْعَوَاقِبِ وَرَدُّ جِمَاحِ النَّفْسِ الْأَمَارَةِ بِالسُّوءِ وَانْقِيَادِهَا لِطَاعَةِ مَوْلَاهَا إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ مَعَانٍ لَا تُحْصَى. اهـ. كَشْفٌ كَبِيرٌ (قَوْلُهُ هُوَ الْإِمْسَاكُ) مُطْلَقًا صَامَ عَنْ الْكَلَامِ وَغَيْرِهِ. اهـ. (قَوْلُهُ وَقَالَ النَّابِغَةُ) أَيْ الذُّبْيَانِيُّ. اهـ. (قَوْلُهُ وَأُخْرَى تَعْلُكُ اللُّجُمَا) الَّذِي بِخَطِّ الشَّارِحِ تَأْكُلُ (قَوْلُهُ وَالْجِمَاعُ إلَى آخِرِهِ) وَأَلْحَقَ بِالْجِمَاعِ مَا هُوَ فِي الْجِمَاعِ كَاللَّمْسِ وَالْقُبْلَةِ مَعَ الْإِنْزَالِ عَلَى مَا يَأْتِي وَكَذَا بِالْأَكْلِ مَا لَيْسَ بِأَكْلٍ كَمَا لَوْ اسْتِقَاءَ عَامِدًا أَوْ دَاوَى جَائِفَةً أَوْ آمَّةً إذَا وَصَلَ الدَّوَاءُ إلَى جَوْفِهِ عَلَى مَا يَأْتِي. اهـ. غَايَةٌ.
(قَوْلِهِ وَلَمْ يَخْرُجُوا عَلَى مَا قَالَ الْقُدُورِيُّ إلَى آخِرِهِ) قَالَ الْكَمَالُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - نَقْضُ طَرْدِهِ بِإِمْسَاكِ الْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ كَذَلِكَ فَإِنَّهُ يَصْدُقُ عَلَيْهِ وَلَا يَصْدُقُ الْمَحْدُودُ عَنْ إمْسَاكٍ مِنْ طُلُوعِ الشَّمْسِ كَذَلِكَ بَعْدَمَا أَكَلَ بَعْدَ الْفَجْرِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ النَّهَارَ اسْمٌ لِمَا مِنْ طُلُوعِ الشَّمْسِ إلَى الْغُرُوبِ وَعَكْسُهُ النَّاسِي فَإِنَّهُ يَصْدُقُ مَعَهُ الْمَحْدُودُ وَهُوَ الصَّوْمُ الشَّرْعِيُّ وَلَا يَصْدُقُ الْحَدُّ وَهَذَا فَسَادُ الْعَكْسِ وَجُعِلَ فِي النِّهَايَةِ إمْسَاكُ الْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ مُفْسِدًا لِلْعَكْسِ وَجُعِلَ أَكْلُ النَّاسِي مُفْسِدًا لِلطَّرْدِ وَالتَّحْقِيقُ مَا أَسْمَعْتُك وَأُجِيبُ بِأَنَّ الْإِمْسَاكَ مَوْجُودٌ مَعَ أَكْلِ النَّاسِي فَإِنَّ الشَّرْعَ اعْتَبَرَ أَكْلَهُ عَدَمًا وَالْمُرَادُ مِنْ النَّهَارِ الْيَوْمُ فِي لِسَانِ الْفُقَهَاءِ وَبِالْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ خَرَجَتْ عَنْ الْأَهْلِيَّةِ لِلصَّوْمِ شَرْعًا وَلَا يَخْفَى مَا فِي هَذِهِ الْأَجْوِبَةِ مِنْ الْعِنَايَةِ وَالْحَدُّ الصَّحِيحُ إمْسَاكٌ عَنْ الْمُفْطِرَاتِ مَنْوِيٌّ لِلَّهِ تَعَالَى فِي وَقْتِهِ وَمَا قَدَّمْنَاهُ فِي أَوَّلِ الْبَابِ مَعْنَاهُ وَهُوَ تَفْصِيلُهُ اهـ وَهَذِهِ عِبَارَتُهُ الَّتِي قَدَّمَهَا أَوَّلَ الْبَابِ وَفِي الشَّرْعِ إمْسَاكٌ عَنْ الْجِمَاعِ وَعَنْ إدْخَالِ شَيْءٍ بَطْنًا لَهُ حُكْمُ الْبَاطِنِ مِنْ الْفَجْرِ إلَى الْغُرُوبِ عَنْ نِيَّةٍ وَنَكَّرْنَا الْبَطْنَ وَوَصَفْنَاهُ لِأَنَّهُ لَوْ وَصَلَ إلَى بَاطِنِ دِمَاغِهِ شَيْءٌ فَسَدَ أَوْ إلَى بَاطِنِ فَمِهِ أَوْ أَنْفِهِ لَا يَفْسُدُ اهـ.
وَاعْلَمْ أَنَّهُ إنَّمَا زِيدَ فِي حَدِّ الصَّوْمِ بِإِذْنِهِ حَتَّى لَا يُنْتَقَضَ بِصَوْمِ الْحَائِضِ لِأَنَّهَا مَنْهِيَّةٌ عَنْهُ وَلَيْسَتْ بِمَأْذُونَةٍ فِيهِ لَكِنْ أَوْرَدَ عَلَى هَذَا أَنَّهُ يُنْتَقَضُ حِينَئِذٍ بِصَوْمِ يَوْمِ النَّحْرِ فَإِنَّ صَوْمَهُ مُعْتَبَرٌ عِنْدَكُمْ مَعَ أَنَّ الشَّارِعَ لَمْ يَأْذَنْ فِيهِ وَأُجِيبُ بِمَنْعِ عَدَمِ وُجُودِ الْإِذْنِ فِيهِ بَلْ الْإِذْنُ مَوْجُودٌ مِنْ الشَّارِعِ فِيهِ لِأَنَّ الصَّوْمَ مَشْرُوعٌ فِيهِ وَإِنَّمَا النَّهْيُ بِاعْتِبَارِ تَرْكِ ضِيَافَةِ اللَّهِ تَعَالَى اهـ مُلَخَّصًا وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ وَالْحَدُّ الصَّحِيحُ الَّذِي ذَكَرَهُ الْكَمَالُ عَزَاهُ فِي الدِّرَايَةِ إلَى الْإِمَامِ بَدْرِ الدِّينِ الْوَرْسَكِيِّ. اهـ. (قَوْلُهُ لِأَنَّ النَّهَارَ اسْمٌ لِمَا بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ إلَخْ) قَالَ الْقُرْطُبِيُّ وَالصَّحِيحُ أَنَّ النَّهَارَ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ حَكَاهُ ابْنُ فَارِسٍ فِي الْمُجْمَلِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ حَدِيثُ مُسْلِمٍ عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ لَهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «إنَّ وِسَادَك لَعَرِيضٌ إنَّمَا هُوَ سَوَادُ اللَّيْلُ وَبَيَاضُ النَّهَارِ» فَدَلَّ عَلَى أَنَّ النَّهَارَ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ إلَى الْغُرُوبِ وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ النَّهَارُ ضِدُّ اللَّيْلِ وَاللَّيْلُ يَنْتَهِي بِطُلُوعِ الْفَجْرِ. اهـ. غَايَةٌ.
(قَوْلُهُ وَاعْلَمْ أَنَّ الصَّوْمَ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ إلَى آخِرِهِ) قَالَ الْكَمَالُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَأَقْسَامُهُ فَرْضٌ وَوَاجِبٌ وَمَسْنُونٌ وَمَنْدُوبٌ وَنَفْلٌ وَمَكْرُوهٌ تَنْزِيهًا وَتَحْرِيمًا فَالْأَوَّلُ رَمَضَانُ وَقَضَاؤُهُ

نام کتاب : تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي نویسنده : الزيلعي ، فخر الدين    جلد : 1  صفحه : 312
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست